نقد العلماء الأبرار في الكتابة المصطنعة في بيروت

وقفة عند كتاب «الإمامة، قراءات جديدة ومنافحات عتيدة»

 

1

ما إن صدر أوّل مقالٍ في نظرية العلماء الأبرار حتّى واجهت هذه النظرية هجمةً واسعة من الدوغمائيين المؤمنين بنظرية «الإمامة القدسيّة». فقد بلغ عدد المقالات الصّادرة بالفارسية لنقد هذه النظرية أزيد من خمسين مقالاً. وإن أوّل دوريّة خصصت ملفّاً لنقد نظرية العلماء الأبرار هي المجلة العقائدية الداخلية الصادرة عن مكتب التبليغات، وبالوصف الآتي:

دورية آئينه نقد [مرايا النقد]، العدد 5: بازخوانى مفهوم امامت و تشيع، نقدها و واکنش‌ها، [ترجمة عنوان الملف: إعادة قراءة مفهوم الإمامة والتشيّع، الانتقادات والردود]، أيلول 2006، 235 صفحة، (النصّ المكتوب لسبعةٍ من محاضرات كديور، 10 انتقادات موجهة لهذه المحاضرات، وبعض المطالب المتعلقة بالموضوع)، إعداد وتنظيم: رمضان علي شوبايي جويباري، مكتب التبليغات في حوزة قم العلمية، مكتب الإجابة على المسائل الدينية المستحدثة.

وقد خصصت مجلة نصوص معاصرة الصادرة عن مركز البحوث المعاصرة في بيروت ثلاثة أعداد لنقد هذه النظرية، وإن اثنَين من هذه الأعداد احتوت على ملفّ مخصص عنوانه «الإمامة قراءات جديدة ومنافحات عتيدة»، لتكون أوّل دوريّة عربية تخصص ملفّاً لنقد نظرية العلماء الأبرار. وفيما يلي وصف هذه الأعداد الثلاث:

العدد العاشر، ربيع 2007، ص219-243

العدد التاسع عشر، صيف 2010، ص72-123

العدد العشرون، خريف 2010، ص11-119.

وإن أوّل كتابٍ يصدر باللغة الفارسية في نقد نظرية العلماء الأبرار هو:

حسن علي بور وحيد، مكتب در فرآيند نوانديشى: بازخوانى انتقادى نوانديشى محسن كديور در حوز شيعه شناسى، [ترجمة عنوان الكتاب: المذهب في مشروع تحديث الفكر: إعادة قراءة نقدية لتحديث الفكر الديني لدى محسن كديور في مجال الدراسات الشيعية]، ممثلية مكتب القائد المعظم في الجامعات، مكتب نشر معارف، قم، شباط 2016، 296 صفحة.

وبعد ما يقارب ثلاث سنوات صدر أوّل كتابٍ عربي في نقد نظرية العلماء الأبرار، وبالوصف الآتي:

أحمد سلمان، وهم القراءة المنسيّة: محاكمة علميّة لنظرية «علماء أبرار»، بيروت، دار الولاء، 2018، 229 صفحة.

يعنى كتاب الشيخ أحمد سلمان بنقد هذا الكتاب:

محسن کدیور، القراءة المنسیة إعادة قراءة نظریة: الأئمة الاثنا عشر علماء أبرار وأربع مقالات أخری، تعریب وتقدیم وحواشی: د. سعد رستم، مؤسسة الانتشار العربی، بیروت، 2011، 215 صفحة.

2

وعلى الرغم من مرور ثمانية أعوام على الاعلان عن صدور كتابٍ بهذا الوصف: الإمامة، قراءات جديدة ومنافحات عتيدة، إعداد وتقديم: حيدر حب الله، الطبعة الأولى، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، لبنان؛ 2011، عدد الصفحات: 454، على الرغم من الاعلان الصّادر عن المؤلف والناشر حول قرب صدور هذا الكتاب، ولكنّه لم يصدر من دون أيّ توضيح للأسباب!

إلى أن صَدَرَ الكتاب آنف الذكر قبل بضعة أشهرٍ من قِبَل ناشر آخر وبالوصف الآتي:

الإمامة، قراءات جديدة ومنافحات عتيدة، سلسلة کتاب نصوص معاصرة، تألیف مجموعة من الباحثین، إعداد وتقديم: حيدر حب الله، الطبعة الأولی، دار روافد للطباعة والنشر والتوزیع، بيروت، لبنان؛ 2019، عدد الصفحات: 454.

وبحسب ما جاء في الكلمة المقتضبة المدرجة في البداية بأن هذا الكتاب يتناول «محور: “الإمامة، قراءات جديدة ومنافحات عتيدة” تاسع محاور “سلسلة نصوص معاصرة”، كونه من المحاور الهامة، والتي لاقت رواجاً وترحيباً بعد نشر دراساته في مجلة نصوص معاصرة، وهو يتضمّن عصارة نظرات الدكتور الشيخ محسن كديور والعاصفة النقدية التي سجّلت عليه في نظريته حول الإمامة إلى جانب موضوعات هامّة تتصل بالإمامة والغلو.» وفي نهاية هذه الكلمة وُجّه الشكر والتقدير لـ«مركز الثقلين على جهوده المتواصلة في تنظيم المجلة وكتابها»، وكذلك لـ«الشيخ محمد عباس دهيني على جهوده الكريمة في تقويم النص»، ولـ«دار النشر على جهوده في طباعة ونشر الكتاب.» (ص7) وبحسب ما هو واضح فإن هذه الكلمة بقلم حيدر حبّ الله.

يتضمّن الكتاب مقدّمة وثلاثة فصول. كُتِبَت المقدّمة بقلم حيدر حبّ الله بعنوان «مفهوم الإمامة في العقل الشيعي، التكوّن والصيرورة». والفصل الأوّل بعنوان «نظرية الإمامة في الفكر الشيعي، قراءات جديدة» تضمَّنَ ثلاثة أبحاث. البحث الأوّل بعنوان «التشيّع في قراءة جديدة، مطالعات في نظريات الإمامة بين الغلوّ والتقصير»، محسن كديور، ترجمة السيد حسن علي مطر الهاشمي (ص 21 إلى ص93). والبحث الثاني بعنوان «الإمامة والصيرورة التاريخية، كيف تغيّر مفهوم الإمامة عند الشيعة بمرور الزمن؟»، محسن كديور، ترجمة منال باقر، (ص95 إلى ص112). أمّا الفصل الثاني المعنوَن «مطالعات تحليلية ونقدية في نظرية الشيخ كديور حول الإمامة» فقد تضمّن أحد عشر مقالاً نقدياً، فيما تضمّن الفصل الثالث المعنوَن «الإمامة والغلو، إعادة إنتاج رؤية» ستّة مقالات.

إن الكتاب بنسبة ثلاثة وسبعين بالمأة منه مخصص بنحوٍ مباشر حول كديور. لا يعنى النصّ الراهن بالمتبقي من الكتاب البالغ 27%. أمّا النسبة الأكبر (73%) تتضمّن ترجمة مقالَين باسم كديور، وترجمة أحد عشر مقالاً لنقد آرائه. وقد سبق أن صدرت كلّ هذه المقالات الثلاثة عشر ضمن ثلاثة أعداد من مجلة نصوص معاصرة (الأعداد 3 و19 و20)، والكتاب الراهن يمثّل إعادة نشر لتلك المقالات. الأمر الحاصل في هذا الكتاب هو إعادة ترتيب جديد لموضع المقالات، أيْ أن هناك مطلبَين باسْم كديور أُدرجا في الفصلِ الأوّل، تَلَتهما في الفصل الثاني ترجمة غالب الانتقادات بتسلسلٍ مغاير عن التسلسل السابق في المجلة، وأدرِج مقال نقديّ واحد في الفصل الثالث.

3

إن كتاب «الإمامة، قراءات جديدة ومنافحات عتيدة» يجمع كلّ الإشكالات والملاحظات المسجّلة على ملفّ العلماء الأبرار الذي تناولته مجلّة نصوص معاصرة مِن قبل. وقد أُشيرَ لكلّ هذه الملاحظات قبل أربع سنوات في النصّ المعنوَن «العلماء الأبرار في مجلة نصوص معاصرة اللبنانية» (شباط 2016). أضِف إلى ذلك فإن الإشكالات المدرجة في أدناه واردةٌ على هذا الكتاب:

الإشكال الأوّل: الإشكال الأهمّ في هذا الكتاب يتمثّل بمقالهِ الأوّل في الفصل الأوّل، الذي أُدرِجَ على أنّه بقلم كديور: «التشيّع في قراءةٍ جديدة: مطالعات في نظريات الإمامة بين الغلوّ والتقصير»، ترجمة السيّد حسن علي مطر الهاشمي، (ص21-93). وقد زُعِمَ في الكتاب نفسه بأنّ «مقال القراءة المنسيّة لكديور يشكّل الفصل الأوّل من هذا الكتاب». (ظ: الهامش رقم 2 في ص133)

ولكن هذا الزعم كذبٌ محض. فمِن المتيقّن أن المقال المدرَج في الفصل الأوّل ليس ترجمة مقال «القراءة المنسية». لقد نسي محررو الكتاب بأنّهم اعترفوا في مجلة نصوص معاصرة أن المقال الذي شكّل الفصل الأوّل في الكتاب هو دمجٌ لأربعةِ محاضرات لكديور بالإضافة إلى مقالٍ واحد من مقالاته، وليس ترجمة لمقالِه: القراءة المنسية. «إن كديور قدّم في كلّ مِن محاضراته «لماذا التشيّع؟ أيّ تشيّع؟» التي ألقاها في حسينية الإرشاد، و«إعادة قراءة التشيّع» في كلية الفنيّة بجامعة طهران، و«إعادة قراءة الإمامة في النهضة الحسينية» في حسينية الإرشاد، و«التشيّع الحسيني» في تبريز، وفي مقال «القراءة المنسيّة»، قدّم آرائه إجمالاً وتفصيلاً، وإن هذا المقال المترجَم يدمج هذه الأفكار والآراء.» (ظ: نصوص معاصرة، العدد 19، الهامش 1 في ص69). وفي ختام هذا المقال المُدمَج اقتبِسَت وتُرجِمَت بعض النصوص من محاضرةٍ غير مُحرَّرة، عنوانها «دور صالحي نجف آبادي في نقد الغلو»، ألقيَت في مجلس أربعينية المرحوم نعمت الله صالحي نجف آبادي في كلية الطب بجامعة طهران، والتي صدر تقريرٌ عنها في المواقع الخبرية بتاريخ 12 حزيران 2006. ولكن من دون أن تجرِ الإشارة إلى مصدرها ولو بنحوٍ عام.

إذا كان محررو مجلة نصوص معاصرة قد مارسوا فعلاً قبيحاً بنشرهم المقال آنف الذكر باسمِ كديور، ومِن دون اطّلاعه وإذنه، فإنّهم على أقلّ تقدير قد أشاروا في الهامش إلى أنّ هذا المقال المترجَم هو دمجٌ لبعض محاضرات كديور ومِن مقال واحدٍ من مقالاته، وذلك بحسب اختيار المترجم أو هيئة تحرير المجلّة. ولكنّ محرر الكتاب ومساعده ارتكبا ثلاثة أفعالٍ قبيحة أخرى. أوّلاً: حذفا الهامش المذكور بِرمّته، وبالتالي نسبا هذا المقال بهيكليته وتنظيمه وصورته المنشورة في الكتاب إلى كديور، وهذا ما يخالف الواقع تماماً. ثانياً: صرّحا كذباً بأنّ هذا المقال المُدمَج هو «الترجمة العربية لمقال القراءة المنسية بقلم كديور»، في حين أن هذا المقال المُدمَج هو مختارات من المقال الأخير بالإضافة إلى خمس محاضرات أخرى. ثالثاً: صدر هذا المقال المدمَج بعد مرور أربع سنوات على اعتراض الكاتب. إذا كان صدوره في مجلة نصوص معاصرة مِن دون علم الكاتب ومِن دون إذنه فإنّ إدراجه في هذا الكتاب، قد جرى رغم اعتراضه، وهذا ما يضاعف قبح هذا العمل.

الإشكال الثاني: حرّف محرر الكتاب ومساعده مرّة أخرى عنوان محاضرة كديور: «إعادة قراءة الإمامة في ضوء النهضة الحسينية»، إذ صاغا عنواناً آخر: «الإمامة والصيرورة التاريخية، كيف تغيّر مفهوم الإمامة عند الشيعة بمرور الزمن؟»، ترجمة منال باقر، (ص95-112). لقد جرى هذا التغيير والتحريف في العنوان مرّةً ثانية رغم الاعتراض المكتوب الصّادر في شباط 2016.

الإشكال الثالث: عنوان الفصل الثاني في الكتاب هو «مطالعات تحليلية ونقدية في نظرية الشيخ كديور حول الإمامة». يتضمّن هذا الفصل عشر انتقادات مرتبطة بالعنوان. ولكن لا يُعلَم كيف أُدرِجَ المطلب الأخير في فصلٍ بهذا العنوان: «شريعتي ونظرية الأمّة والإمامة، استفسارات في التأييد والرفض، رضا عليجاني، ترجمة علي الوردي، ص327-351». يبدو أن هذا المطلب هو نقد للمطلب الأخير المدرجِ في الفصل الأوّل: «نقد نظرية الإمامة عند الشهيد محمّد باقر الصّدر، علي شريعتي، ترجمة محمّد عبد الرزاق، ص113-130.» وقد جاء في تمهيد المقال بأنّه مِن رسائل الدكتور علي شريعتي إلى الشيخ علي حجّتي كرماني مترجم (بحث حول الولاية)، وقد أُدرِجَ سابقاً في هذا الكتاب الذي صدر في سنة 1977. أمّا أن يكون في هذا المطلب رأي جديد حول الإمامة فإنّه أمر يدعو إلى التأمّل.

الإشكال الرابع: الفصل الثالث المعنوَن «الإمامة والغلو، إعادة إنتاج رؤية»، قد تضمّن مقالاً بالوصف الآتي: «ميثولوجيا نقد الحديث في تيّار التنوير، بهزاد حميدية، ترجمة السيد حسن مطر، ص263-273.» كان موضع هذا المقال النقدي في الفصل الثاني، وليس في الفصل الثالث، وفي الحقيقة يعد هذا المقال النقد الحادي عشر الموجّه لآراء كديور حول الإمامة.

الإشكال الخامس: عنوان ترويسة الصفحات الفردية للمقال الثاني المنسوب لكديور كالآتي: «الفصل الأوّل: مسألة الحجاب في القرآن الكريم بين وجهتَي النظر»! (ص97-129) وبحسب الظاهر أُدرِجَ خطئاً من كتابٍ آخر في هذا الكتاب. وإن الترويسة الصحيحة هي: «الفصل الأوّل: نظرية الإمامة في الفكر الشيعي، قراءات جديدة». المحرر ومساعده لم يتصفّحا الكتاب ولو لمرّةٍ واحدة ليعثرا على هذا الإشكال!

الإشكال السادس: الدورية الدعائية الصّادرة عن مكتب التبليغات في أيلول 2006 ضمّت كافّة المحاضرات والمقالات التي أصدرها الكاتب حول نظرية العلماء الأبرار، وكذلك كلّ الانتقادات المنشورة حتّى ذلك الحين. ولكن مجلّة نصوص معاصرة فإنها أولاً في عام 2010 لم تترجم ولم تنشر كلّ مقالات كديور ومحاضراته حول نظرية العلماء الأبرار حتّى ذلك الحين. ثانياً: حتّى أنها لم تبادر إلى ترجمة ونشر المقالات الرئيسة الثلاث حول هذا الموضوع. ثالثاً: بدلاً عن ذلك قامت بعملٍ غير مهني ومنافي للأخلاق والشرع، ودمجَت بحسب اختيارها مقتبسات من خمسة محاضرات لكديور ومن مقالٍ من مقالاته، ونشرت النص المدمج باسم كديور. رابعاً: وحتّى الملف المخصص لهذه النظرية في نصوص معاصرة لم يشتمل على كلّ الانتقادات المنشورة حتّى ذلك الحين.

أمّا كتاب «الإمامة، قراءات جديدة ومنافحات عتيدة» الصّادر في عام 2019 فإنّه أوّلاً: لا يلم بآخر آراء كديور حول نظرية العلماء الأبرار. إذ أن آرائه في هذه النظرية قد صدرت في المقالات الأربعة الآتية [بالفارسية]:

قرائت فراموش شده: بازخوانى نظريه علماى ابرار، تقلى اوليه اسلام شيعى از اصل امامت (ارديبهشت 1385) [القراءة المنسية: إعادة قراءة نظرية العلماء الأبرار، الفهم الأوّل لأصل الإمامة لدى الإسلام الشيعي (أيار 2006)]

طبقه بندى اعتقادات دينى (بهمن 1385). [تصنيف العقائد الدينية (شباط 2007)]

تأملى در منابع اعتقادى (آبان 1386)، [تأملات في مصادر العقائد الدينية (تشرين الثاني 2007)]

علماى ابرار (دى 1395)، [العلماء الأبرار، كانون الثاني 2017.]

تُرجِمَ المقال الأوّل مرَّتَين حتّى الآن: صدرت الترجمة الأولى في كتاب «القراءة المنسیة إعادة قراءة نظریة: الأئمة الاثنا عشر علماء أبرار وأربع مقالات أخری، تعریب وتقدیم وحواشی: د. سعد رستم، مؤسسة الإنتشار العربي، بیروت، 2011، ص9-84.» فيما صدرت الترجمة الثانية بالوصف الآتي: «القراءة المنسية … مراجعة لنظرية «العلماء الأبرار» القراءة الأولى للمذهب الشيعي عن أصل الإمامة، ترجمة أحمد القبانجي، الحوار المتمدن، العدد: 3972، كانون الثاني 2013». وقد تُرجِمَ المقال الثاني أيضاً وصدر بوساطة سعد رستم في الكتاب آنف الذكر. (ص137-180). أمّا المقالان الثالث والرابع فلَم يترجما للعربية حتّى الآن. ولم تدرج أيّ واحدة من هذه المقالات الأربعة في مجلّة نصوص معاصرة، ولا حتّى في كتاب «الإمامة، قراءات جديدة ومنافحات عتيدة». وببيانٍ أوضح إن الكتاب الأخير الذي صدر في عام 2019 فاقد لكلّ المقالات التي كتبها كديور حول العلماء الأبرار طوال الأعوام الأربعة عشر الأخيرة. وإن هذا الكتاب يتضمّن بعض محاضرات كديور في عام 2005 فقط، مع مختارات لأجزاء من مقالٍ صدر في أيار 2006 بحسب سليقة هيئة التحرير.

ثانياً: لا تقتصر المشكلة في شمولية الكتاب على كونه لا يلمّ بكلّ الانتقادات الموجهة لنظرية العلماء الأبرار، بل حتّى إنّه لا يجمع الانتقادات المهمّة. فبمجرد نظرةٍ إلى قائمة الانتقادات الصادرة حول كتاب العلماء الأبرار (الذي لم يصدر بعد) يثبت هذا الأمر.

الإشكال السابع: ثمّة نواقص أخرى في كتاب «الإمامة، قراءات جديدة ومنافحات عتيدة» من ثلاث نواحي؛ أوّلاً: لم يدرج قائمة ببلوغرافية بالمقالات الصادرة بلغتها الأصلية. ثانياً: لم يدرج قائمة ببلوغرافية للترجمات المنشورة في مجلة نصوص معاصرة. ثالثاً: لم يدرج قائمة ببلوغرافية خاصّة بنظرية العلماء الأبرار في مؤلفات كديور، ولم يتناول ببلوغرافيا الانتقادات الموجهة إليها.

4

إن مجرّد نظرةٍ إلى الإشكالات السبعة المتقدّمة تُثبت بأن عنوان «الكتاب المُصطَنع» يليق بكتاب «الإمامة، قراءات جديدة ومنافحات عتيدة». إن صناعة الكتاب ضربٌ من المقاولات الثقافية؛ أيْ تجميعٌ من دون أيّ تحقيقٍ وتفحصٍ علميّ مطلوب. إن الكتب المصطنعة هي نتيجة عمل أشخاصٍ يشتغلون في مجال انتاج الكمّ الهائل من الكتب السطحية بدلاً عن انتاج الأعمال والمؤلفات العميقة المعدودة.

الشواهد الموجودة تشير إلى أن مجلّة نصوص معاصرة ومركز البحوث المعاصرة في بيروت يمثّلون الذراع الثقافي السياسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت. حيث يمارسون الأغراض الدوغمائية والمتخلّفة التي يرسمها نظام الاستبداد الديني والإسلام التقليدي بنحو غير مهنيّ ومغاير للأخلاق والشرع. إن مستوى المجلة وإصدارات نصوص معاصرة يقارن مستوى المطبوعات والمنشورات الدعائية والترويجية التي يصدرها نظام الجمهورية الإسلامية، فإنّها في مستوى متدنٍ جدّاً.

إن اعتماد هذه الطريقة المنافية للأخلاق والشرع والقانون لترويج الإمامة القدسيّة والتشيّع التقليدي تُعد – بحسب تعبير الإمام الصّادق (ع) – «شيناً للمذهب»، وليست زيناً له. ولو كان الأمر سوى ذلك لكان باعثاً للدهشة، إذ لا يُرجى منهم غير ذلك.

 

أيلول 2019