تاريخ رحيل النبيّ (ص)

 

وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ. (آل عمران/ 144)

 

في أيّ يومٍ رحل النبيّ؟

بناءً على القول الأصح فإن خاتم الأنبياء الإلهيين، محمّد بن عبد الله (ص)، قد رحل في اليوم الثاني من ربيع الأوّل في السنة الحادية عشرة من الهجرة. ويذهب إلى ذلك أحمد بن أبي يعقوب (ت: 284) المؤرخ الشيعي الجعفري الكبير في كتابه تاريخ اليعقوبي. وقد كتب المحدّث المعاصر الشيخ عبّاس القمّي (ت: 1359/ 1941) في منتهى الآمال: «إن أكثر علماء الفريقَين يرون أن ارتحال سيّد الأنبياء (ص) إلى عالم البقاء كان يوم اثنين، ويرى أكثر علماء الشيعة أن ذاك اليوم كان اليوم الثامن والعشرين من شهر صفر، في حين يقول علماء السنّة إنه اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل.» والقمّي نفسه يرجّح يوم الثاني من ربيع الأوّل. (منتهى الآمال في تواريخ النبيّ والآل، ج1، ص141)

القول الثاني: توفّي النبيّ بعد عشرة أيّام على اليوم المذكور في القول السابق، أي في يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل في تلك السنة. وقد ذهب إلى ذلك الواقدي (ت: 207) في المغازي، والكليني (ت: 329) في الكافي، ومحمّد بن جرير بن رستم الطبري (ت: بدايات القرن الرابع) في المسترشد، والمسعودي (ت: 346) في مروج الذهب.

القول الثالث: توفي النبيّ في شهر ربيع الأوّل من السنة نفسها، ولكن من دون تحديد اليوم، ويذهب إلى ذلك حسن بن موسى النوبختي (ت: النصف الأوّل من القرن الرابع) في كتابه فرق الشيعة.

القول الرابع: توفي النبيّ في السنة الحادية عشرة من دون تحديد الشهر واليوم، وهذا ما ثبّته ابن إسحاق (ت: 161) في السيرة، وابن هشام (ت: 218) في السيرة، حيث قال: «ابتدئ رسول الله (ص) بشكوه الذي قبضه الله فيه، إلى ما أراد به من كرامته ورحمته، في ليال بقين من صفر أو في أول شهر ربيع الأوّل.» (سيرة ابن هشام، ج4، ص289)

القول الخامس: عن الإرشاد للشيخ المفيد (ت: 413) وتهذيب الأحكام للشيخ الطوسي (ت: 460): « قُبض النبيّ يوم الاثنين لليلتَين بقيتا من صفر سنة الحادية عشرة من الهجرة وهو ابن ثلاث وستين سنة.» (الإرشاد، ج۱ ص۱۸۷؛ تهذیب الاحکام، کتاب المزار، الباب 1: نسب رسول الله و تاریخ مولده و وفاته و موضع قبره، ج6، ص2) في الوقت الذي «لم أعثر على رواية عن الأئمة –ولو ضعيفة- تنصّ على أن الثامن والعشرين من صفر هو يوم وفاة النبي.» (السید جواد الشبیري، الغدیر في حدیث العترة الطاهرة، مجلة تراثنا، العدد 21، ص43، مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث، قم)

قيل أن الثامن والعشرين من صفر في السنة الحادية عشرة للهجرة كان يوم اثنين، وإن الثاني من ربيع الأوّل صادف يوم خميس، والثاني عشر من ربيع الأوّل صادف يوم أحد. إذا كان مثل هذا الاحتساب دقيقاً فسيكون هناك تعارض بين أيّام الشهر والأسبوع المدوّنة لكثيرٍ من هذه التواريخ.

يبدو أن اعتبار اليوم الثاني من ربيع الأوّل للسنة الحادية عشرة للهجرة يوماً لرحيل النبيّ (ص) لا يخلو من قوّة. فیا تُرى لِمَ لا ينبغي الاتفاق على تحديد يوم واحدٍ لتاريخ رحيل النبيّ (ص)؟ من المتيقّن أن الرشد في مثل هذا الأمر لا يكون في الخلاف! إن التفكير التقليدي الشيعي والتقويم الرسمي لدى الجمهورية الإسلامية في إيران ولدى جمهورية العراق يعتمد أضعف الأقوال في تحديد يوم وفاة نبيّ الإسلام!

 

28 صفر 1441

27 تشرین الأول 2019