بيانٌ حول فلسطين

صادر عن أساتذة من أجل العدالة – جامعة دوك

Statement on Palestine

By Duke University Faculty for Justice

نقطة نظام: خضع نصّ البيان الأصليّ (الذي يمكن قرائته باللغة الإنجليزية بالنقر هنا وهنا) للتنقيح (الرقابة!) ثلاث مرّات توخّياً لجمع أكبر عدد من تواقيع الزملاء عليه كي يجد طريقه للنشر في منصّة الجامعة الإخباريّة (The Chronicle: The independent news organization of Duke University) إلا أنّ الأخيرة – وللمفارقة- امتنعت حتى عن نشر النسخة المعدّلة؛ ليصار إلى نشرها بشكلٍ مستقلٍّ مع التواقيع في موقع مجلة Medium الإلكترونيّة وذلك بتاريخ 6 تشرين الثاني| نوفمبر 2023.

جدير بالذكر أنّ البيان ذُيِّل حتى تاريخه بتواقيع 153 عضواً بجامعة دوك؛ وافق 103 منهم على ذكر أسمائهم. وفيهم 32 عضواً من الهيئة التعليميّة.

إنّ البيان الموقّع أدناه يعكس الحدّ الأدنى من سرد الواقعة، بينما ينبغي انتظار نشر بقيّة السرديّة حتى إشعار آخر بما يتواءم وارتفاع السقف الذي تقرّره الحرية الأكاديميّة!

لقد بيّنت الفاجعة الأخيرة مدى جدّيّة الغرب في التعاطي مع قضية “حقوق الإنسان”!

إنّ الخلط بين جذور القضيّة وفروعها في تحليل ما وقع لا يزيد صاحبه إلا بعداً عن الحقيقة؛ إذ تكمن جذور الحرب والعنف والإرهاب في الاحتلال والاستعمار وسياسة الفصل العنصريّ (الأبارتايد). ناهيكم عن التجاهل المتكرّر والمتأصّل للقرارات الصادرة من الأمم المتحدة منذ العام 1967.

إنّ من يناضل في سبيل تحرير أرضه دون تناسي الأخلاق ليس إرهابيّاً البتّة. رغم محاولات الآلة الإعلامية الغربية طوال عقود في قلب الحقائق حيال القضية الفلسطينية. ولن يرسم مستقبل فلسطين إلا شعبها المظلوم. (م. ك.)

ردّاً على الحرب المشتعلة في غزّة، بادر جمع من أساتذة جامعة دوك [Duke University, Durham, North Carolina, US] في الأسبوع الأول الذي تلا أحداث السابع من أكتوبر| تشرين الأول 2023 لتحرير هذا البيان.

لقد كان لافتاً خلال تداولنا مع أساتذة جامعة دوك والعاملين فيها وطلابها ما شهدنا من حالة الخوف الطاغية والملموسةً في آنٍ معاً من ردود الفعل الانتقاميّة حيالَ المداولات الحرّة حول النزاع الذي تفجّر في تلك البقعة من الشرق الأوسط؛ ما حدانا لاتخاذ قرار بإصدار هذا البيان بشكل جماعيّ درءاً للمخاطر التي يمكن أن تطال الأشخاص الأكثر عرضةً للتهديد، فبادرنا للدعوة إلى التوقيع على البيان تعبيراً عن تضامنهم. وسوف ننشر قريباً أسماء الموقّعين على البيان. للاطلاع على التواقيع العامّة يرجى متابعة الرابط هنا.

” إنّنا كمجموعة أساتذة بجامعة هوك، ملتزمين بتحقيق العدالة وصون الحقوق الفرديّة، وكذلك كمحاضرين ومتخصّصين في فروع تعنى بتاريخ الإمبريالية والحروب المتعاقبة والحرية العالمية والحركات المناهضة للاستعمار وآثارها الممتدّة حتى عصرنا الحاليّ، نعبّر بكلماتنا عن عميق ألمنا وبالغ حزننا تجاه الحرب الجارية في غزة والتي تخطف كلّ لحظة أرواح الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ناهيكم عن إزهاق أرواح العاملين في الأمم المتحدة والمراسلين الصحفيين وغيرهم هناك.

نكتب هذا البيان في معمعة ذلك الدمار على أمل أن نترك بصمة مضيئة ونخلق حافزاً ونثير وعياً في نفوس طلابنا وكلّ من نعيش معهم في المجتمع.

لقد تأثّرنا بشدّة، من موقعنا التربويّ، للألم الذي ترك أثره غائراً في نفوس طلابنا اليهود خلال الأيام الأولى التي أعقبت حملة “حماس” المريرة في السابع من أكتوبر| تشرين الأول والتي استهدفت حياة مواطنين إسرائيليين وعرّضت آخرين منهم للخطف؛ الأمر الذي دعانا لضمّ أصواتنا إلى أصوات الملايين في التعبير عن الاستهجان الدولي حيال قتل المدنيين. إلا أنّنا في الوقت نفسه ندين استغلال حالة الحزن والأسى تبريراً للقصف الإسرائيلي العنيف الذي تتعرض له غزة؛ إذ يمثّل انتقاماً غير متناسب ولا قانونياً ذهب ضحيته ما يربو على 8000 [10,000] فلسطيني، منهم أكثر من 3000 [4,000] طفل. ولا زال عدّاد الضحايا مستمراً بالدوران آنياً… في الوقت الذي نشهد هذه الأيام تجاهل الإدارة الأميركية وأغلب وسائل إعلامها وحتى جامعاتها (بكل صراحة) للضحايا الفلسطينيين في الحملة الإسرائيلية دون التعبير عن أي قلق تجاه ما يتعرضون.

وإذ نؤكّد على مقاربة الواقع كما هو، وأنّ ما نراه بأعيننا ليس سوى: جريمة ضد البشرية وتطهير عرقيّ، فإننا، كأساتذة من أجل العدالة بجامعة هوك، نعلن تضامننا مع كافة المساعي النبيلة في سبيل نيل الحرية من نير الاستعمار، ومنها النضالات للحرية في فلسطين، فضلاً عن وقوفنا إلى جانب الطلبة الفلسطينيين، المسلمين، العرب وغيرهم من نظرائهم الملونين ممن كانوا عرضة للأذى والتمييز نتيجة حملات الإسلاموفوبيا.

إنّ الفظائع التي شهدنا، ولا زلنا نشهد، ارتكابها منذ السابع من أكتوبر| تشرين الأول لم تأتِ من فراغ؛ إذ مع صعود النازية ووصولها للسلطة، تبلورت فكرة استعمار المستوطنين الصهاينة، بعد أن رفضت الدول الأوربية والولايات المتحدة الأميركية احتضان ملايين اللاجئين اليهود الذين هجّروا من بيوتهم إثرَ المحرقة-الهولوكوست. ومنذ ذلك التاريخ، فقدَ الفلسطينيون المزيد من أرضهم نتيجة السياسات التي تبنتها الحكومة الإسرائيلية بالدفع نحو تنفيذ مشاريع الاستيطان التي هجّرت الفلسطينيين من أراضيهم واغتصبت منازلهم وبيوتهم. وما الأوضاع التي نشهدها اليوم في فلسطين من قصف إسرائيلي عشوائي عنيف للمدنيين إلا تداعيات للاحتلال العسكري وسياسة الفصل العنصري التي أطلقتها الحكومة الإسرائيلية وتكفلت الإدارة الأميركية بتغطية قسم منها بأموال دافعي الضرائب الأميركيين بما يقارب 3.8 مليار دولار سنوياً.

إنّنا إذ ندين الاعتدءات الوحشية والبربرية التي تستهدف المدنيين العزّل، نطالب بوقف فوري لإطلاق النار. كما نؤكّد على أنّ الوضع الحاليّ السائد في المنطقة؛ حيث يفتقر الفلسطينيون لأبسط حقوقهم أو حتى حقّ تقرير مصيرهم، يشكّل السبب الأساس للحرب الجارية الآن؛ إذ يعاني أكثر من مليوني فلسطيني في غزة، نصفهم من الأطفال تقريباً، من ظروف بالغة الحرج دعت الجميع لوصفها صراحةً بأكبر سجن مفتوح في العالم يفتقر لأدنى إمكانية الدخول والخروج منه.

لقد اعترفت منظمة بتسيلم B’Tselem الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة بأنّ “إسرائيل تُدير نظام “استعلاء يهودي”، في المنطقة الممتدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسّط”. كما أكّدت منظمة العفو الدولية في تقريرها تبنّي إسرائيل سياسة الفصل العنصري حيال الفلسطينيين.

تلك هي الخلفية التاريخية للظروف التي نشهدها اليوم؛ حيث ينذر فيها الجيش الإسرائيلي المواطنين الفلسطينيين الذين وصفهم وزير الدفاع الإسرائيلي بالحيوانات البشرية، بإخلاء منازلهم خلال مهلة 24 ساعة رغم صعوبة الأمر؛ إذ إنّ هناك مليون فلسطيني على الأقل يعانون من الجوع محاصَرين بجدران من ثلاث جهات فيما يواجههم البحر من الجهة الرابعة في الوقت الذي ينهمر عليهم القنابل كالمطر. فأين المفرّ!؟ إنّه وضع لا يمكن قبوله…

لخلق تصوّر أفضل عن الوضع السائد، لا بد من التذكير بأنّ مساحة غزة تبلغ حوالي 365 كيلو متراً مربعاً، يقطنها حوالي 2.3 مليون نسمة، ما يجعلها أكثر مناطق العالم كثافة سكانية. على سبيل المقارنة، تبلغ مساحة مدينة رالي (Raleigh) المجاورة لدورهام (Durham) 147.6 ميالً مربعاً [حوالي 382 كيلو متراً مربعاً] ويبلغ عدد سكانها 467,665 نسمة وفقاً لتعداد سكان الواليات المتحدة لعام 2020.

لقد ألقت إسرائيل أكثر من 6000 قنبلة على غزة طوال أسبوع بهدف القضاء على حماس؛ ما أزال أحياء بأكملها وقضى على عوائل برمّتها، ناهيكم عن قيام الحكومة الإسرائيلية بقطع الماء عن غزة ومنع إدخال الوقود والغذاء والمساعدات الإنسانية إليها.

لقد تراخت أغلب وسائل الإعلام الإخبارية الأميركية والغربية في تحمّل مسؤوليتها بوصف الوقائع كما هي وإتاحة الفرصة لسماع كافة الأصوات، فكان أداؤها محبطاً بكل ما تحمل الكلمة من معنى. الأمر الذي دعا العديد من الجمهور لمقاربة القضية الإسرائيلية –الفلسطينية دينياً؛ كأمرٍ فرض نفسه دائماً في سياق الصراع ليصار إلى الخلط بين الصهيونية واليهودية باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، ناهيكم عن وصم نضالات الفلسطينيين بالأصولية الإسلامية ومعاداة السامية (antisemitism) والذي نجم عنه تنامي مشاعر العداء تجاه الإسلام كدين. فقد أقدم مالك عقار في شيكاغو على قتل الطفل الأميركي من أصول فلسطينية “وديع الفيومي” (ست سنوات) بـ 26 طعنة، في حين أصاب والدته بجروح خطيرة، وهو يردد عبارات معادية للمسلمين والفلسطينيين ن رجلا من ولاية إلينوي طعن طفلا مسلما 26 طعنة وأرداه قتيلا، في حين أصاب والدته بجروح خطيرة، وهو يردد عبارات معادية للمسلمين صارخاً “عليكم أن تموتوا أيها المسلمون”.

وتذكّرنا تلك الحادثة وأمثالها بتهديدات العنف التي أعقبت أحداث الحاديعشر من أيلول سبتمبر أو أثناء مرحلة وباء كورونا. الأمر الذي يدعونا للقلق الشديد حيال الأشخاص الذين هم عرضة للانتقام.

إن التعرّف على الشخصيات والحركات التي تسعى للمقاومة والعدالة الاجتماعية والحرية من قبيل حركات مقاطعة إسرائيل ورفض الاستثمار فيها (BDS Movement) مروراً بحركة الصوت اليهودي للسلام (Jewish Voice for Peace) لا تقلّ أهمّية عن مبادرات سبر تاريخ العنف والاحتلال والفصل العنصري رغم أهمّيتها البالغة.

في هذا السياق، إنّنا إذ ندعم تشكيل أمثال تلك الائتلافات المنبثقة من أطياف واسعة من الشرائح المجتمعية المهمّشة، نعتبر العنف الاستيطاني وجهاً قبيحاً آخر للاضطهاد والتهجير والقمع. إنّها مسؤوليتنا أن ندين ونستنكر كافّة أوجه الظلم والحيف والجور التي ترتكب باسمنا.

إنّنا إذ نضمّ صوتنا لأصوات الأفراد والمنظمات الداعية لوقف إطلاق نار فوريّ وإيصال مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية، نطالب بتأمين حماية دولية عاجلة لأكثر من 1.2 مليون مدني فلسطيني عالقين في غزة تحت أقسى الظروف، وكذلك لنظرائهم في الضفة الغربية الذين يتعرضون لعنف الاستعمار الاستيطاني المستمر.

كما نطالب رئاسة جامعتنا دوك بالالتزام بتعهداتها حيال الحرية الأكاديمية كي نتمكّن من أداء مسؤولياتنا العلمية وتوفير الوعي اللازم لطلبتنا ومن يدرسون في جامعتنا ويعيشون في أوساطنا الأكاديمية للتعبير عن دعمنا وتعاطفنا معهم. علماً أنّه منذ بدء النزاع الأخير في فلسطين، عبّر الطلبة مراراً وتكراراً عن امتعاضهم من عدم تلقّيهم ما يكفي ليتعلموا سردية مناسبة عن التاريخ، ناهيكم عن استيائهم من تقصير الجامعة في إتاحة الأدوات الملائمة كي يتمكنوا من استيعاب الأحداث الجارية جيداً كي يدركوا ما تعكسه وسائل التواصل الاجتماعي.

إنّ المسؤولية تقع على عاتق الأساتذة ومراكز التعليم العالي، كي يوفّروا للطلبة المعرفة وأدوات الفهم والوعي حيالَ ما يجري في عالم اليوم كي يصبحوا قادة أخلاقيّين واعين ومؤثّرين مستقبلاً.

علينا، كمُربّين ومراكز تأهيل، القيام بمسؤولية خلق فضاءات مفتوحة ومنفتحة ودافئة للطلبة والأكاديميين لنتعلّم من ذلك التاريخ ونعلّمه.

نطالب رئاسة الجامعة توفير الإمكانات والبيئة الملائمة لنشارك الآخرين الوعي والمعرفة بحُرّيّة دون خوف من نقمة أو انتقام.

إنّنا إذ نؤكّد تصميمنا على دعم كافّة الطلبة بتوفير أدوات الوعي والمعرفة، ننوّه بأهمّية حياة كلّ فرد من أبناء البشر وقيمتها.  ولكلّ مجموعةٍ الحقّ في تأبين ضحاياها.

أساتذة من أجل العدالة – جامعة دوك”

التوقيع هنا (مع إمكانية الاحتفاظ بالحقّ في عدم كشف هويته (ها)

للاطلاع على قائمة بالمصادر انقر هنا

لقد اكتملت القائمة عند الساعة 15:00 بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية بتاريخ 6 نوفمبر تشرين الثاني 2023.

للاطلاع على البيان مع التواقيع المذيّلة (لا زالت مستمرة) انقر هنا

رابط نصّ البيان كاملاً مذيَّلاً بالتواقيع راجع النشرة الإلكترونية Medium

مترجم من الفارسية إلى العربية: علي فخر الإسلام