نبذة من آراء محسن كديور

 

يقدّم النصّ الآتي نبذةً من أهمّ آراء محسن كديور خلال الفترة الممتدة بين السنتَين 1998 و2015؛ إذ يلي كلّاً من العنوانات الآتية إيضاحٌ مقتضبٌ بما يقارب 250 كلمة، ومع الالتزام التّام بالنصّ الرئيس الذي ورد فيه هذا الرأي، ويُشار إلى المصدر في نهاية كلّ من هذه المطالب. تحتوي هذه النبذة على تسعة عشر عنواناً وفي سبعة محاور، من غير أن تلمّ بكلّ العنوانات المهمة. أقدّم شكري وامتناني للصديق المجهول الذي أرسل لي نتاج أبحاثي في هذه النبذة التي تصلح أن تكون دليلاً جيّداً لمطالعة أعمال المؤلف الكاملة ولدراستها ونقدها. أرجو اعداد نبذة أخرى لسائر العنوانات ومماثِلة لهذا النص، إن شاء الله.

اللاهوت النقدي

نظرية العلماء الأبرار

لقد كانت الفكرة المهيمنة (في النصف الثاني من القرن الثالث حتّى نهايات القرن الرابع)، والفكرة الرائجة (منذ بدايات القرن الخامس) في الأوساط الشيعية تنحو في قراءتها مسألةَ الإمامة منحاً بشرياً؛ إذ كانت الأوصاف البشرية للأئمة من قبيل العلم اللدنيّ والعصمة والنصب والنصّ الإلهيَين (وليس النّص من الإمام الأسبق أو النبيّ) لا تُعدّ ضمن الصفات اللازمة للأئمّة، بل كان العلماء الشيعة يرفضونها على أنّها مِن الغلوّ. وعلى الرغم من أن الشيعة في تلك الحقبة كانوا يلزمون أنفسهم باطاعة تعاليم الأئمّة بحسب ما جاء في النّص وفي وصيّة النبيّ (ص)، ولكنّهم كانوا يعدّون الأئمّة علماء أبرار مِن دون أن تكون لهم أيّ صفة فوق بشريّة. إن المبالغة في فضائل الأئمة وترويج أوصاف فوق بشريّة لهم خلال هذين القرنَين كان من نتاج أفكار المفوّضة التي صارت بنحوٍ تدريجي تمثّل الفكر الشيعي، حتّى أصبحت في القرن الخامس، وبعد تعديلات كلاميّة، تمثّل الفكر الشيعي الرسمي. إن كلّاً من ابن الغضائري وابن جُنيد وهكذا مشايخ قم من أمثال أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري وإلى حدّ ما ابن قبّة يمثّلون أبرز القائلين بنظرية العلماء الأبرار. وإن نظرية إمامة المعصوم بصفتها الهويّة الشيعية تجد أصولها في مدرسة بغداد. [القراءة المنسيّة]

 

 الدراسة النقديّة للمصادر العقائدية

لا تستند الفضائل فوق البشريّة للأئمّة الهداة (ع) إلى شيء سوى الروايات. وإن غالب هذه الروايات تفتقر للسند المعتبَر (بنسبةٍ تتجاوز الـ70% منها). وبالنظر إلى دسّ الغلاة والمفوّضة ووضعهم أحاديث عدّة تتضمّن فضائل فوق بشريّة للأئمّة الهداة (ع)، فإن الأخبار الآحاد ذات السند المعتبَر أيضاً تُعامَل بناءً على أصالة عدم الصدور؛ إلّا إذا ثبت خلاف ذلك. إذ لا يمكن الاستناد إلى خبرٍ واحد ظنّي لإثبات أصل من أصول الدين ومسألة من المسائل العقائدية. وإن مزاعم تواتر الروايات المتعلّقة بفضائل الأئمة فوق البشريّة غير شائعة وغير مسموعة. وإذا اعتبرَت الفضائل فوق البشرية مسألة تعبّديّة عندها لنا أن نقول بأنّ التعبّد يحتاج إلى دليلٍ معتبَر؛ أضف إلى أن الأمر التعبّدي في المجال العقائدي لا يمكن أن يكون واجب الاعتقاد. إلا إذا تحصّل العلم به لدى أحدهم، فعندها يكون مُلزَماً بالاعتقاد به. لمعرفة الأبعاد الوجودية لدى الأئمّة لا يمكن تجاوز الإطار الكلّي للقرآن الكريم والسنّة النبويّة القطعيّة والروايات قطعية الصدور من لدن الأئمّة والضوابط العقليّة القطعيّة. [تأمّلات في المصادر العقائدية]

 

الإصلاح البنيوي للفقه

الاجتهاد في المباني والأصول

قيّد الفقه التقليدي نفسه بـ«الاجتهاد في الفروع». وإن الأسس المعرفية التي يستند إليها هذا النمط من الاجتهاد تحتوي على مفردات أنطولوجية وابستمولوجية وانثربولوجية ولاهوتية لم تمحَّص بـ«القراءة النقديّة». والقرآن في هذا النهج هو «كتاب القانون»، والشريعة هي «النظام الحقوقي»، والاستناد يكون للكتاب والسنّة «المنزوعَين عن التاريخ». ولم يُراعَ في هذا الاجتهاد حقّ العقل، وإن أخلاقية الفتوى وعدالتها لم تكن من هواجس وهموم زمن استنباط الفقيه.

يحتاج التفقه إلى منهج آخر هو «الاجتهاد في المباني والأصول». فـ«الاجتهاد في المباني» يعني الاجتهاد في المبادئ الأنطولوجية والابستمولوجية والانثربولوجية واللاهوتية، والاعتناء بثمار فلسفة الأخلاق وفلسفة الحقوق وفلسفة السياسة، وبكلّ حقلٍ علميّ يمتّ بصلةٍ بموضوع الحُكم الشرعي. أمّا «الاجتهاد في الأصول» فيعني الاجتهاد في أصول الفقه كالاعتناء بالأصول التأويلية، و«النظرة التاريخية» للنص، وإعادة قراءة النّص ضمن سياقه، واعتبار القرآن «كتاب هداية» (وليس كتاب قانون)؛ والشريعة بمثابة «قيمٍ أخلاقيّة» (وليس نظاماً حقوقياً)، ومراعاة الأصول الأربعة التي تدعو إلى أن يكون الحُكم عقلانياً وعادلاً وأخلاقياً وأكثر نجاعةً بالمقارنة مع الحلول المنافسة في زمن استنباط الحكم الشرعي. [حقوق النساء في الإسلام]

 

محوران في إصلاح الشريعة

لم يرد في القرآن الكريم نصٌّ يعرّفه كتاباً للشريعة والقانون والحقوق، بل إن القرآن يقدّم نفسه على أنّه كتاب هداية. ومن شأن القرآن أيضاً أن يكون مُلهماً للتشريع ووضع القوانين، ولكنّه من المتيقّن ليس كتاباً للقانون. فالقرآن مصدر القيم الأخلاقية، وإن جزءاً كبيراً من السنن الإسلامية تختصّ بالأخلاق. لقد كانت صورة الإسلام والشريعة في زمن النبيّ صورةً أخلاقيّة ولم تكن حقوقيّة ولا قانونية. لم يعرّف النبيّ (ص) رسالته على أنّها رسالة شرعيّة وفقهيّة، بل قال إنّي بُعِثتُ لأتمم مكارم الأخلاق.

هنالك حدثان رئيسيان شكّلا منعطفاً في التاريخ الإسلامي:

المنعطف الأوّل كان في زمن الصحابة والتابعين، حين انتقلت الشريعة من «التمحور حول الأخلاق» إلى «التمحور حول الفقه». إن نسبة الفقه بإزاء الأخلاق في كتابات العلماء المسلمين كحدّ أعلى، تبلغ 100 مصنّفٍ فقهي لكلّ مصنّف أخلاقيّ واحد. إذ لدينا فقه مسمَّن جدّاً وأخلاق نحيفة جدّاً. وعلى الصعيد العملي لم يكن الجانب الأخلاقي من الشروط الملزمة للاجتهاد والافتاء.

أمّا المنعطف الثاني فقد تشكّل في العقدَين الخامس والسادس من القرن العشرين في أرجاء العالم الإسلامي، بجانبَيه الشيعي والسنّي، وقتئِذ ظهر «الإسلام السياسي» وتكوّن في كتابات المفكّرين الروّاد في مصر وإيران وباكستان (من قبيل سيّد قطب وآية الله الخميني وأبو الأعلى المودودي رغم بعض الاختلافات في آرائهم). ومع هذا المنعطف برزت «الشريعة بمثابة النظام القانوني المثالي» بدلاً عن الشريعة بصفتها أحكاماً عمليّة. إن الحكومة الإسلامية (الثيوقراطية/ theocracy) هي ثمرة هذه النظرية التي تكون سمتها البارزة اعتماد الشريعة على أنّها قانون حكوميّ وحدود شرعيّة. تمزج هذه النظرية بين مهمّة النبوّة والقيادة لدى الشخصيّة المحمّدية (ص). [الشريعة؛ نظامٌ حقوقي أم قيم أخلاقيّة؟]

 

الإسلام وحقوق الإنسان

حقوق الإنسان

في ستّة محاور: 1_ عدم المساواة في الحقوق بين غير المسلمين والمسلمين، 2_ عدم المساواة في الحقوق بين النساء والرجال، 3_ عدم المساواة في الحقوق بين العبيد والأحرار، 4_ عدم المساواة بين العوام والفقهاء في المجال العام، 5_ حريّة المعتقد والدين وعقوبة الارتداد، 6_ إن القول بنفي العقوبات الاعتباطية والتعسّفيّة والعنيفة والتعذيب المنصوص عليه في الوثائق الدولية لحقوق الإنسان هو أكثر عقلانية وعدالةً ورُجحاناً وقابلاً للدفاع بالمقارنة مع الأحكام الإسلامية التقليدية، وإن طبيعة هذه الأحكام في هذا الموضوع وفي عصرنا الراهن لا يمكن القبول بها.

إن ما يُعرَض تحت عنوان اعلان حقوق الإنسان الإسلامية مثل إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام لعام 1990 لا يرفض من المحاور الست المتقدّمة سوى الفقرة المتعلّقة بالرّق. وفيما يتعلّق بالمحاور الخمس الأخرى فإن هذا الاعلان لم ينجح في معالجة التعارض الصريح بين الإسلام التقليدي وفكرة حقوق الإنسان؛ فقد مرّ محرّروا هذا الاعلان على هذه القضايا مرور الكرام وتحدّثوا عنها بنحوٍ مُجمَل ومبهَم وسكتوا عن بعضها الآخر، وبالتّالي تبنّوا هذا التعارض القائم وأيّدوه.

إن دستور الجمهورية الإسلامية لعام 1979 ونسخته المعدّلة لعام 1989 بصفته أهمّ وثيقةٍ [قانونية] شيعية معاصرة يتعارض في ثلاث محاور وبنحوٍ صريح مع فكرة حقوق الإنسان:

أوّلاً: عدم المساواة في الحقوق بين المسلمين وغير المسلمين، الشيعة والسنّة. ثانياً: عدم المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل، ثالثاً: عدم المساواة في الحقوق بين الفقهاء والعوام في المجال العام. على الرغم من أن هذا الدستور قد سكت عن هذا التعارض القائم في هذه المحاور الثلاث، ولكن بالنظر إلى عمومية وإطلاق المادّة الرابعة من الدستور وتعارض الإسلام التقليدي في هذه الفقرات مع فكرة حقوق الإنسان، فإن الدستور يكون قد عارض تلويحاً فكرة حقوق الإنسان في الفقرات الآتية: أوّلاً: حريّة العقيدة، ثانياً: العقوبات العنيفة، ثالثاً: العبوديّة. [حقوق الإنسان والتنوير الديني، في كتاب حقّ النّاس]

 

حقوق النّساء

اتّبع العلماءُ المسلمون أرسطو وراحوا يفسّرون العدالةَ بالعدالةِ الاستحقاقية المبنيّة على المساواة النسبية/ التناسبية؛ ولأنَّ المؤهلات الذاتية لدى المرأة أدنى من الرجل قللوا من حقوقها، واعتبروا سلطة الرجل من مقتضيات العدالة والشريعة، وتبنّوا هذه الفكرة. تفتقر المساواة التناسبية للدليل ولا يمكن الدفاع عنها، وإن العدالة الاستحقاقية أيضاً غير مبررة، بل إن الأدلّة المتاحة تخالفها. إن العقلانية المعاصرة تعدّ الإنسان صاحب الحق من حيث كونه إنساناً، ولذلك تذود [هذه العقلانية] عن المساواة البنيوية والعدالة المساواتية. يقترب هذا المبدأ كثيراً من الكرامة الإنسانية والنظرة القرآنية للإنسان. أما الآيات والروايات التي تفيد عدم المساواة الحقوقية وأفضلية الرجل على المرأة فإنّ أحكامها تُعد مؤقّتة، ومرهونة بزمنٍ معيّن قد انتهى. فبناءً على مبدأ العدالة المساواتية والمساواة البنيوية تتساوى النساء في الحقوق مع الرجال رغم اختلافهن عنهم في الجانب الجسدي والنفسي. لأنّهن ذوات إنسانية، وإن الذات الإنسانية هي التي تمتلك الحق والتکیف والکرامة والأمانة والخلافة الإلهيّة، وليس الجنس واللون والعِرق والطبقة والدين والعقيدة السياسية. إن هذا المبدأ هو الأقرب لروح القرآن وأكثر انسجاماً مع الموازين الإسلامية؛ وإن النصوص الدّالة على عدم المساواة الحقوقية هي مؤقّتة وتخصّ زمانها، ولا تشكّل عائقاً أمام تحقيق المساواة الحقوقية. [مراجعة لحقوق النساء في الإسلام، «العدالة المساواتية» بدلاً عن «العدالة الاستحقاقية»]

 

الحجاب والعُرف

إن نوع الرداء والثياب تابع للظروف الزمانية والمكانية والعُرف المحلّي، وهو أمرٌ اختياري. على النساء المؤمنات اللاتي يعشن في مجتمعات وظروف يكون العُرف فيها تغطية الرأس والرقبة والشعر والجسم كلّه ما عدا الوجه والكفَّين والقدمَين، بنحوٍ تترتّب على عدم تغطية هذه الأجزاء مفسدةٌ ما، يكون عليهنَّ تغطية هذه المواضع وفقاً للحُكمِ الثانوي. وفي المجتمعات التي لا يتعارف فيها هذا الحد من الغطاء، حيث أن عدم تغطية هذه المواضع لا يترتّب عليه مفسدة ما، لا يُلزم تغطيتها. إذ تكون هذه المواضع من الجسم مثل الوجه بحكم «الزينة الظاهرة» المذكورة في الآية 31 من سورة النّور التي استثنت تغطية هذه المواضع: «ولا یبدینَ زینتهنَّ إلا ما ظهر منها». وإن مسألة تشخيص المفسدة هي كمصداق أيّ حكمٍ ثانويّ آخر مُناطة بالمكلّفين. [تأملات في مسألة الحجاب، احکام الحجاب] إن الإجبار على نزع الحجاب يُعد مخالفة للشرع، وهكذا الإجبار على الالتزام بالحجاب يفتقر لأيّ مستند شرعي معتبر، وبالتالي يكون مخالفة للشرع أيضاً. وإن الحجاب مع رعاية حدوده الشرعية هو من اختيارات النساء المؤمنات. [الحجاب الإجباري فاقد للدليل الشرعيّ المعتبر]

 

عقوبة الردّة وحريّة العقيدة

النّاس أحرارٌ في اختيار دينهم وعقيدتهم، ولا يمكن أن نفرض على أيّ أحدٍ الإيمان بدين الحقّ والعقيدة الصحيحة ونكرهه على ذلك. وقد أقرَّ الإسلامُ بتعددية الأديان والعقائد بعد الدعوة الإلهيّة إلى دين الحقّ. ولم يحدد الإسلام عقوبة دنيوية لأيّ دينٍ آخر أو عقيدة باطلة، ولا يمكن إكراه أحد على تغيير دينه. ولا عقوبة دنيوية للردّة؛ ولكن إذا رافق الردّة الجحد والعناد سيلحق بالمرتد عذاب الآخرة. لقد أقرّ الإسلام بحريّة العقيدة والدين وتبنّاها، وإن روايات وجوب قتل المرتدّ وإهدار دمه غير منسجمة مع نصّ القرآن الكريم.

إن الحكم بإهدار دم الأفراد بتهمة الارتداد أو سبّ النبي فاقد للسند الشرعيّ المعتبر والمستمد من الكتاب والسنّة والاجماع والعقل. بل إنه حكم يخالف القرآن والعقل؛ ونظراً إلى ما يترتّب عليه من مفاسد عدّة فمن المتيقن يكون موجباً لوهن الإسلام. إن إصدار الحكم القضائي مناطٌ بالمحكمة الصالحة، وإن تنفيذه من صلاحيات المتصدّين للقضاء فقط. وإن حكم الفقيه الجامع لشرائط الافتاء لا يُغني من المحكمة الصالحة. لا يترتّب على الخروج عن الدين والارتداد أيّة عقوبة دنيوية. وإن اعدام الأفراد بسبب تطاولهم على النبيّ (ص) والقرآن والمقدّسات الدينية هو أمر لا يمكن الدفاع عنه.

لا توجَد أيّ علاقة بين حقّ الحياة والعقيدة. فمهما كانت العقيدة، سواءً أكانت صحيحة أم خاطئة، لا تستوجب أيّ ميزة، ولا تستحق أيّ عقوبة. ستتضح نتائج صحّة العقيدة وسقمها في عالم الآخرة. ما يستحقّ عقوبة دنيوية هو العمل الإجرامي؛ فحتّى الذنوب الشرعيّة ليس لها عقوبة دنيوية. إن الردّة بمعنى الخروج عن الإسلام بأيّ نيّة كانت، لا تستوجب شرعاً عقوبة دنيوية؛ ناهيك عن الاعدام. [عقوبة الارتداد وحريّة العقيدة]

 

الثيوقراطية وحكم الشعب

الإسلام والديمقراطية

يتعارض الإسلام التقليدي مع الديمقراطية في الفقرات الآتية:

1_ التعارض في مبدأ الرقابة الجماعية، وتحديداً في ثلاث محاور: عدم تحديد جهة رقابية شعبية لمراقبة أداء الحكومة، وتقليل الرقابة الجماعية وحصرها في رقابة المسلمين الجماعية، وعدم جواز مساهمة النساء في مراقبة المناصب التي لا يجوز لهنّ تولّيها وفق هذه الرؤية الشرعية.

2_ التعارض في مبدأ المساواة السياسية، وفي ثلاثة محاور: التمييز الديني، والتمييز على أساس الجنس، والتمييز العنصري والتمييز الفقهي.

3_ التعارض في مبدأ إمكانية اتخاذ القرارات العامة التي تخصّ الضوابط والسياسات، وفي كلّ محاورها، أو في أقلّ تقدير فيما يخصّ الأحكام الشرعيّة الإلزامية.

ب. ينسجم الإسلام المتجدد مع الأصول الديمقراطية الثلاث المتقدّم ذكرها. [الإسلام والديمقراطية، انسجام أم عدم انسجام؟ في كتاب الشريعة والسياسة]

 

الإصلاح الديني

إن الانتقال الديمقراطي والإصلاح الديني مشروعان منفصلان. وعلى الرغم من أنّ الانتقال الديمقراطي في إيران مرهون بإعادة النظر في موقع الدين مِن الدولة بسبب تصدّر دور الدين لدى شريحة كبيرة من الإيرانيين وللمزاعم الدينية المتشددة التي تتبنّاها الحكومة الإيرانية، ولكن حتّى في مثل هذا المجتمع أيضاً وفي مثل هذا النظام السياسي لا يمكن أن نرهن الديمقراطية بالإصلاح الديني. إن التجديد والتنوير الديني في إيران منذ نصف قرن قد امتزج بالإصلاح السياسي؛ وإن هذا النمط من إصلاح الفكر الديني قد تراجع عملياً وأصبح تابعاً للاصلاح السياسي، وحوّل المثقفين المستنيرين والمجددين في التفكير الديني إلى التكتّل الثقافي المنضوي تحت راية النشطاء السياسيين الإصلاحيين. إن هذا النمط من التنوير أو التجديد الديني على الرغم من بعض المنافع التي يغدقها للإصلاح السياسي، ولكنّه لا يكون مجدياً لمشروع الإصلاح الديني، بل يضرّه كثيراً. [الديمقراطية والإصلاح الديني مشروعان منفصلان]

 

الإسلام والعلمانية

الحكومة العلمانية

مَن يحسم طبيعة الحكومة المستقبلية في إيران هو الشعب الإيراني وحده الذي يختار نظامه السياسي المطلوب من خلال استفتاءٍ حُـرّ ونزيه يتضمّن خيارات عدّة. إن الحكومة التي أدعو إليها هي حكومة ديمقراطية وعلمانية، حيث تتعيّن فيها مؤسساتها ومناصبها وقوانينها وقراراتها من دون أيّ استثناء بالآلية الديمقراطية، وبصوت الشعب؛ إذ يأتي الحُكّام بصوت الشعب ويغادرون بصوت الشعب، ويكونون تحت أنظار الشعب بمنتهى الشفافية. ولا يُقبَل أيّ امتياز ولا أيّ حقّ خاص لأيّ فرد وفئة وطبقة؛ ولا يوجد أيّ مسؤول على مدى الحياة وفوق القانون. تُسَنّ  القوانين برمّتها بإشراف نوّاب الشعب، وهكذا تُفسَّر وتُنسَخ. وفي مثل هذا النظام أيضاً تُضمن حقوق المواطنين الأساسية، وهي الحقوق التي لا يمكن دحضها مطلقاً. من ضمن هذه الحقوق هي إمكانية تحوّل الأقليّة إلى أكثريّة. يراعي هذا النظام الحريّات وفقاً للمعايير الدولية المتعلّقة بحقوق الإنسان. [أفكّر بحكومةٍ ديمقراطية علمانية]

 

الإسلام السياسي

يتألّف الإسلام السياسي من أربع مفردات: أولاً: السياسية تنضوي ضمن مجموعة التديّن. ثانياً: توظيف إمكانيات الإسلام وقدراته لتحشيد الجماهير في زمن الثورة وعند استقرار النظام. ثالثاً: حقّ الفقهاء الخاص في المجال السياسي. رابعاً: الشريعة بمثابة قانون البلد.

يقابل الإسلام السياسي نمطان من الإسلام: الإسلام غير السياسي والإسلام المدني. المقصود من الإسلام المدني هو ممارسة المسلمين السياسة في المجتمع المدني وفي النظام العلماني. [الإسلام السياسي في إيران المعاصرة]

 

النقد البنائي لنظرية ولاية الفقيه

ولاية الفقيه

طرح الفقهاء الشيعة ولاسيّما الفقهاء المتأخرون نظريّات عدّة حول الدولة والقيادة وإدارة شؤون المجتمع. وإن تعدد هذه النظريات يبيّن لنا بأن في مجال التنظير حول الدولة لا توجد نظرية ضرورية للدين أو للمذهب أو للفقه حتّى يكون إنكارها مستوجباً للعقوبة. بل حتّى لا توجَد نظرية قد اتفق عليها الفقهاء في هذا المجال. [ظ: نظريات الحکم في الفقه الشيعي] وفي دائرة الولاية تهيمن اللامساواة؛ بمعنى أن الأفراد كلّهم غير متساويين في بعض الشؤون أو في الشؤون كلّها. فإن الاعتقاد بمساواة النّاس في كلّ الشؤون (أو في بعضها) يتعارض مع فكرة الولاية الشرعيّة. وإن الحَجْر [الشرعي] هو من لوازم الولاية الفقهية الذي لا ينفكّ عنها. وإن المولّى عليهم هم مجموعة من الأفراد الذين يقعون ضمن دائرة الولاية، ويكونون عاجزين شرعاً عن التصدّي لأمورهم، وفاقدين لأهليّةِ التدبير، ويكونون بنحوٍ من الأنحاء محجورين عن إدارة أمورهم. وإذا كان المولّى عليهم رشداء وقادرين على التصدّي لأمورهم لَما كانوا يقعون ضمن الولاية.

لا توجَد أيّ آية قرآنية تؤيّد ولاية الفقيه على النّاس. وإن ولاية الفقيه الانتصابية المطلقة في روايات النبيّ الأكرم (ص) وأئمّة أهل البيت (ص) فاقدة للسند المعتبر. ولا تُعد ولاية الفقيه بكافّة مستوياتها (الأمور الحسبية والشؤون العامة والمطلقة) من المسائل المُجمَع عليها. وإن ولاية الفقيه الانتصابية فاقدة للمستند العقلي المعتبر. وعليه فإن ولاية الفقيه الشرعية على النّاس فاقدة للسند العقلي والنقلي المعتبرَين. وبالتالي يظلّ هذا المورد ضمن مبدأ عدم الولاية؛ بمعنى أن الفقهاء ليست لهم أيَّ ولاية شرعية على النّاس. وبعبارةٍ أخرى إن الحكومة الولائية فاقدة للدليل الدينيّ الموجّه. [الحكومة الولائية]

 

الخبراء المنصّبين

لا يمكن الجمع بين انتخاب الشّارع وانتخاب النّاس. إذا كان في السابق شخصية أو فئة معيّنة قد نُصَّبَت وليّاً على النّاس فلن يبقَ مجال لانتخاب النّاس. ومَن يُعيّن وليّ الأمر هم جمع من الفقهاء الذين يسمّون بالخبراء. يمكن اختيار الخبراء بخمس طرق. وفي إحدى هذه الطرق يُنصَّب أعضاء مجلس الخبراء من قبل وليّ الأمر بناءً على الحُكم الأوَّلي، أو ينصَّبون من خلال وسطاء سبق أن نُصِّبوا من قِبَلهِ. إن المعيار الرئيس في اختيار «الخبراء المنصَّبين» هو توافر شرط الانسجام في الآراء والسلائق والانصياع لوليّ الأمر. وإن التنصيب العام للفقهاء لتولّي الولاية على النّاس هو الحل الذي قدّمه بعض الفقهاء لإقامة الدين، ويعكس ثقافةً مِن خارج الدين، ويُصنَّف ضمن حلول المتشرّعة، ولا يمكن أبداً أن نعدّه حلّاً من لدن الشارع في الشأن السياسي، وأن يكون حلّاً شرعياً فريداً. [الحكومة الانتصابية]

 

تأصيل نظرية ولاية الفقيه

إن نظرية ولاية الفقيه متأثّرة إلى حدّ بعيد بطريقة إدارة البلد الذي عاش فيه الفقهاء. إذ أنّها مصطبغة تماماً بالسياسة الشرقيّة. ولا يمتلك الفقهاء أيّ صورة عن الحكومة والقيادة وإدارة البلد سوى صورة البلد الذي عاشوا فيه، وبناءً على هذه الصورة الذهنية واستناداً للنموذج الرائج في مجتمعهم وعصرهم توصّلوا لبعض النتائج التي يُراد من الشّارع أن يؤيّدها أيضاً. إن ما طرحه هذا الصنف من الفقهاء تحت مسمّى ولاية الفقيه هو مزج بين الإمامة الانتصابية في علم الكلام الشيعي والملكية القومية التي انصهرت في فلسفة ذات نزعة أفلاطونية ملكية، وأعيد انتاجها بعد إجراء تغييرات جزئية وعُرِضَت على أنّها نظرية شرعية وفقهية. إن الفقيه الحاكم وفق هذه النظرية لم يبلغ الولاية بانتخاب النّاس، بل من لدن الشّارع، وإنّه يدرك مصلحة النّاس أفضل منهم، وله خيارات كخيارات الإنسان الكامل التي حددها محي الدين بن عربي: الولاية المطلقة. [مقالة تأمّلات في مسألة ولاية الفقيه في كتاب هواجس الحكومة الدينية]

 

ابتکارات الخراساني

إن الآخوند الخراساني بين الفقهاء الشيعة هو الفقيه الأقل تخصيصاً لصلاحية الفقهاء الخاصة التي تعنى بالشأن العام. يقف الخراساني في النقطة المقابلة لآية الله الخميني الذي يعدّ بين الفقهاء الشيعة الفقيه الأكثر تخصيصاً لصلاحية الفقهاء الخاصّة التي تعنى بالشأن العام. فإنّه قال بالولاية المطلقة التي تشمل صلاحيات النبيّ والإمام في الشأن العام، متجاوزاً دائرة الأحكام الشرعية المتعارفة. وهي الخيارات التي لم يقرّ بها الخراساني حتّى للنبيّ والأئمّة، وعدّها محصورة في الذات الإلهيّة، وأكّد بأن الاعتقاد بالصلاحيات المطلقة لغير المعصوم هو بدعة في الدين.

إن مسألة ولاية الفقيه هي من الخلافات النظرية العميقة بين الخراساني والنائيني. فالخراساني ينكر ولاية الفقيه بنحوٍ مطلق، بل أنه في رأيه المتأخّر وبالقدر المتيقّن لا يجوّز للفقهاء التصرّف في الأمور الحسبية، وينكر أيّ حقّ خاصّ للفقهاء في الشأن العام. ولكنّ النائيني على عكسه كان يقرّ بولاية الفقيه. يرى الخراساني بأن الأمور الحسبية مثل إدارة المجتمع والتصدّي لشؤون الحكومة في زمن الغيبة هي من حقوق “جمهور النّاس”، والذي قد فُوّض لعقلاء المسلمين وثقاة المؤمنين، وإن آليته في هذا الزمان هي الانتخابات الحرّة. وبناءً على ذلك لا يلزم توافر شرط الفقاهة لإدارة المجتمع الإسلامي. [ظ: مقدّمة كتاب رسائل الخراساني السياسية]

 

استجواب قيادة الخامنئي الدينية والسياسية

استجواب القائد

أنا بصفتي مواطن إيراني أُدين قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله السيد علي الحسيني الخامنئي بالاستبداد والظلم والتجاوز على القانون وبتسببه في إسقاط الجمهورية الإسلامية ووهن الإسلام.

أعتقد _أولاً_ بأنه قد انتهك حقوق المواطنة لدى الشعب الإيراني وأسس لهذا الانتهاك؛ وإنه في هيأة ديكتاتور سافِر أعاد الحكومة الملكية المطلقة بمظهرٍ إسلامي.

ثانياً: أعتقد بأنّه قد نقض استقلالية القضاء والسلطة القضائية، وسيّس القضاء ومارس ظلماً سافراً بحقّ المنتقدين وذوي الحقوق، وإنه حقق “الولاية الجائرة”.

ثالثاً: أعتقد بأنّه بنقضه المكرر لمواد دستورية عديدة، ولاسيّما نقضه موادّ تخص التشريع والتنفيذ، قد ارتكب أكبر خرقٍ للقانون في العقدَين الأخيرَين. وإنه باستحالته الدستور وتقويضه يُعدّ أكبر مسقِّطٍ للجمهورية الإسلامية.

رابعاً: ولأنّه يرتكب الاستبداد والظلم وخرق القوانين والاسقاط باسم الإسلام ومذهب أهل البيت وباسم خلافة النبيّ والأئمة والحكومة الإسلامية، فإنّه قد أنزل أشدّ ضربة بالإسلام والتشيّع والله والنبيّ وأئمة أهل البيت؛ وإنه بربطه الدين بالدولة سبب وهناً للإسلام وأصبح شيناً للمذهب.

وأخيراً فإن ولايته ساقطه لفقدانه الشروط اللازمة للعقد، وبالتالي لا يحتاج إلى العزل.» [الرسالة المفتوحة المؤرخة في 17 تموز 2010 إلى رئيس مجلس خبراء القيادة وأعضائه، عن كتاب استجواب القائد]

 

ابتذال مرجعية الشيعة

ارتكب مجلس خبراء القيادة مخالفةً لصالح السيّد الخامنئي، ولثلاث مرّات على أقلّ تقدير بناءً على أساس «مصلحة النظام»:

أوّلاً: تجاهل الإشكال القانوني المتمثل بعدم توافر شرط الافتاء والمرجعيّة بالفعل (نقض المادّة 109 من دستور سنة 1979.)

ثانياً: عدم الاعلان عن كون قيادة السيد الخامنئي المناقضة للدستور هي «قيادة مؤقّتة» خلال الشهرَين الأوَّلَين لقيادته على أقل تقدير. (قرار الاجتماع الخاص لمجلس خبراء القيادة في 4 حزيران 1989.)

ثالثاً: تجاهل مسألة فقدان الاجتهاد المطلق، أي المؤهل العلمي اللازم للافتاء في مختلف أبواب الفقه. (نقض المواد 5 و107 و109 من دستور سنة 1989.)

مرّت قصّة مرجعيّة الخامنئي العليا بأربع مراحل:

المرحلة الأولى هي مرحلة الخطيب المفوّه لخدمة النظام، وقتئِذ كان لا يدّعي الاجتهاد ولا القيادة وما كان ليرى المرجعية إلا في الأحلام: حجّة الإسلام والمسلمين الخامنئي.

المرحلة الثانية مرحلة القائد ومرحلة تولّي المؤمن المقلّد مقام الولاية المطلقة، ومن ثمّ المجتهد المتجزّئ بصفته فقيهاً، بناءً على مبدأ مصلحة النظام، بدءاً من أوائل حزيران 1989: آية الله الخامنئي مقام القائد المعظّم.

وجرى في المرحلة الثالثة التخطيط لبلوغ المرجعيّة، بدءاً من أوائل حزيران 1989، ومن ثمّ الاعلان الرسمي لمرجعيّته في كانون الأوّل 1994: آية الله العظمى الخامنئي، المرجع الجائز للتقليد.

والمرحلة الرابعة هي مرحلة التهيؤ للاعلان عن المرجعيّة العليا والمتفرّدة، بدءاً من صيف 1997: الإمام الخامنئي!

لم ينفرد السيّد الخامنئي بهذه البَلوى، بل يشاطرونه في «ابتذال المرجعيّة الشیعية» رجال دين آخرون من مدرسة آية الله الخميني. لقد بلغ آية الله الخميني مرتبة القيادة بالإستناد إلى مرجعيته، وصار السيّد الخامنئي مرجعاً باعتماد قيادته! فكلتا المرتبَتان، أيْ قيادته [السياسية] ومرجعيته [الدينية] قد تحققتا بالإستناد إلى القاعدة الكليّة التي تفيد: “إن حفظ النظام [السياسي] هو من أوجب الواجبات”. مرجعيّة المؤمن المقلّد، وفي أفضل الأحوال المجتهد المتجزّئ بسِحرِ “مصلحة النظام” يعني «ابتذال المرجعیة الشیعية». [كتاب ابتذال المرجعية الشيعية]

 

الحِراك الأخضر

كان الحِراك الأخضر مثل مباراة لكرة القدم يكون حكمها مدرّباً لفريق الخصم ومساعدو الحكم هم مساعدو ذلك المدرّب نفسه! حيث يقوم المدرّب بإعطاء البطاقات الصفراء والحمراء لكلّ اللاعبين في الفريق المقابل، وقد ينسى في بعض الأحيان بأنه حَكَم المباراة، وإنه يلعب بدلاً عن لاعبي فريقه، وحتّى أنّه يسجّل الأهداف! لقد سمّى السيّد الخامنئي الاحتجاجات الشعبية السلميّة منذ بدايتها بـ«الفتنة»، وعدّها مؤامرة الأعداء الخارجيين ضدّ انظام! [ظ: مقدّمة كتاب النداء الأخضر] لم تجرأ الجمهورية الإسلامية على محاكمة المنافسين الناقدين للقادة. وقد كانت معاقبة آية الله شريعتمداري وآية الله المنتظري ومير حسين موسوي ومهدي كرّوبي كلّها مخالفة للقانون والشرع، وعلى خلاف معايير حقوق الإنسان. فإن إصدار العقوبة مِن دون حكم المحكمة الصالحة، ومن دون مراعاة حقّ المتّهم في الدفاع، وبحسب إرادة الشخص الأوّل في النظام، لا يعني شيئاً سوى الاستبداد والدكتاتورية. إن دولة القانون تعني منع العقوبات غير القانونية. ينتهي زمن الاستبداد في إيران حين لا يُسجَن أيّ أحدٍ أو لا يُنفى أو لا تُفرض عليه الإقامة الجبرية بتهمة مناهضة أنانية جلالة الملك أو مقام القائد المعظّم. فلا يحصل التغيير بمجرّد استبدال تسمية النظام الملكي إلى نظام الجمهورية الإسلامية. المطلب المهم هو استبدال القرارات الشخصية المتخذة من قبل الشاه أو القائد (الحاكم مدى الحياة) بقرارات المؤسسات القانونية العامّة المسؤولة والخاضعة للرقابة. وعلى أيّ حال إن إيجاد المضايقات والممانعة من معالجة مرض المنتقد الذي فرضت عليه الإقامة الجبرية لا يعني مجرّد خرق للقانون والإنسانية، بل إنّه في منتهى المهانة والفظاظة. [هكذا يفعل القادة بمنافسيهم المنتقدين، عن كتاب النداء الأخضر]

21 حزيران 2015